• 1404/03/20
عيد الغدير، عيد الإمامة والولاية

عيد الغدير، عيد الإمامة والولاية

من بين المناسبات الإسلامية، لا يضاهي يومٌ عظمة وعمق عيد غدير خم؛ يوم رفع السماء إلى الأرض. عيد الغدير هو يوم الولاية، اليوم الذي أبلغ الله فيه رسالته العظمى إلى عباده في صحراء قاحلة وفي تجمعٍ لا مثيل له. اليوم الذي رفع فيه خاتم الرسل، محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، يد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال بصوتٍ عالٍ: "من كنتَ فعلي وليُّك".

هذا اليوم ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل لحظةٌ حاسمة في استمرار الرسالة، لحظةُ تبليغ الولاية والوفاء بالعهد الإلهي؛ عيدٌ يُعتبر أفضل من جميع الأعياد، كما قال النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم): "يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي".

عيد الغدير هو عيد قبول ولاية أمير المؤمنين؛ عيد بيعة أول مظلوم في التاريخ؛ عيد السائرين على نهج عليّ، والضاربين بحجر ولايته على صدورهم حتى آخر نفس.

ما معنى غدير خم وأين يقع؟

"غدير" تعني حرفيًا حفرة أو حوضًا، وغدير خم اسم منطقة بين مكة والمدينة، قرب الجحفة. كانت القوافل العائدة إلى مدنها بعد أداء فريضة الحج تتفرع في هذه المنطقة.

في الثامن عشر من ذي الحجة، في السنة العاشرة من الهجرة، أوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قافلة الحجاج الضخمة في هذا المكان بالذات، بأمر إلهي، وأتمّ الحج للناس.

غدير خم ليس مجرد نقطة جغرافية؛ بل هو نقطة ذهبية في تاريخ الإسلام. النقطة التي أُعلنت منها الولاية على الملأ، وبلغ فيها الدين كمالاً. حيث أشرقت شمس الحق على الشيعة إلى يوم القيامة.

ما هو يوم غدير الأضحى لعام ١٤٠٤ هـ؟

يصادف عيد الغدير الأعظم، في تقويم عام ١٤٠٤ هـ، ما يلي:

📅 السبت ٢٤ خرداد ١٤٠٤

📅 ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦ هـ

يُعدّ هذا اليوم عيدًا رسميًا في التقويم الإيراني، ويحتفل الشيعة في جميع أنحاء العالم بهذا العيد العظيم بإقامة احتفالات ومراسم خاصة، مُجددين عهدهم مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام).

سعر سجادة المسجد

ما قصة عيد الغدير الأعظم؟

في السنة الأخيرة من حياة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، عام ١٠ هـ، وبعد عودته من حجة الوداع، نزل عليه أمرٌ فجأةً من السماء:

"يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته." (سورة المائدة، الآية ٦٧).

"يا أيها النبي بلّغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته."

في صحراء غدير الحارقة، أمر النبي القافلة بالتوقف، فأُعيد حتى من سبق، وأُخذ من تخلف إلى غدير. أُعدّ منبر من الإبل، فصعد إليه النبي وألقى خطبةً طويلة. في جزء من هذه الخطبة، رفع يدي علي (عليه السلام) وقال:

"من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم أحب من أحبه وعاد من عاداه".

وبايعه الناس، وأمرهم النبي (صلى الله عليه وآله) أن يهنئوا بعضهم بعضًا بولاية علي (عليه السلام).

بعد هذا الإعلان، نزلت آية إكمال الدين:

"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". (سورة المائدة، الآية 3).

"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".

لم يكن الغدير مجرد إعلان للخلافة؛ بل كان تأكيدًا لحقيقة منسوجة في جوهر الوجود منذ الأزل؛ بداية رسمية لمسار سيستمر حتى ظهور الدليل الإلهي النهائي. لم يكن علي (عليه السلام) خليفة النبي فحسب، بل كان روحه أيضًا.

معنى كلمة غدير في القرآن

كلمة غدير في القرآن تعني المستودع، وقد وردت في الآية 34 من سورة الكهف.

مع أن حدث الغدير لم يُذكر مباشرةً في القرآن، إلا أن المفهوم الذي انبثق منه ينعكس في آية البلاغ الشهيرة (المائدة: 67). كما أن الآية 3 من سورة المائدة، "يوم أكملت لكم دينكم"، نزلت في يوم الغدير، وهو يوم إتمام الدين.

الغدير اسم مكان في ظاهره، ولكنه في باطنه رمز لعهد سماوي أُرسي على الأرض لرفع أهلها إلى أعالي السموات.

شراء سجادة مسجد في كاشان

خطبة الغدير
تُعد خطبة الغدير وثيقة الإمامة الأوضح والأهم في كلام النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ فهي عهد إلهي يبين مكانة الإمام علي (عليه السلام) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ومبادئ الدين. وفيها، اعتبر النبي الولاية من التوحيد والنبوة، واعتبر طاعة علي طاعة الله. وفي تلك الخطبة، أشار النبي، بعد حمده لله، مرارًا إلى ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ورأى ضرورة أخذ البيعة من الحاضرين.

خطبة الغدير ليست مجرد خطاب، بل هي عهد أبدي؛ وثيقة سماوية أُقرت فيها الولاية ونُقلت بوضوح.

من خطبة غدير:

"إلا أن تُلقي نفسك على الحوض، وتنزل على الحوض، وعددك يومئذٍ عدد القبائل، فإذا سألتني عن الثقلين فانظر كيف تعصيهما: أعظمهما كتاب الله، وأثقلهما أصغر أهل بيتي".

"واعلم أني أسبقكم إلى حوض الكوثر، فتأتونني، يومئذٍ يكون عددكم عدد القبائل، واعلم أني سائلكم عن جوهرتين ثمينتين، فانظروا كيف تصنعون بهما بعدي: الجوهرة الكبرى كتاب الله، والجوهرة الصغرى أهل بيتي".

عید غدیر

 

الحاضرون في خطبة الغدير

وحضر حفل غدير أكثر من 120 ألف حاج. كل من الرجال والنساء. وقد روى حديث الغدير شهوداً كثيرين. وبعد الاستماع إلى الخطبة، بايّع هذا الجمع الغفير علياً (ع). وممن هنأه عمر بن الخطاب، فقال: «بخ باه لك يا علي، أصبَحْتَ مَوْلَايَ وَمَوْلَيَ كَولِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ».

كان الجميع حاضرين: المهاجرون والأنصار، كبارهم وصغارهم، رجالهم ونساءهم... وسمع الجميع تلك الكلمة الإلهية التي دوّت كالصاعقة في الصحراء:

"مَنْ كُنْتَ فَلْعَلِيٌّ وَلِيُّكَ..."

رواية الشيعة لغدير خم

يُعدّ غدير خم، في نظر الشيعة، الدليل الإلهي الأوضح على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وخلافته المباشرة.

ووفقًا للروايات الشيعية الصحيحة، كان هذا الحدث آخر مهمة عظيمة للنبي (صلى الله عليه وآله). وتُعرّف الأحاديث الصحيحة، ونصوص الأدعية، وأحاديث الولاية، الغدير بأنه محور شرعية ولاية أهل البيت (عليهم السلام).

يعتبر الشيعة الغدير البداية الرسمية للولاية؛ الولاية التي تُواصل الرسالة. ولذلك يُعتبر عيد الغدير أعظم احتفالات السنة في الثقافة الشيعية، ويعتبرون تجديد العهد مع أمير المؤمنين واجبًا مقدسًا.

الرواية السنية لغدير خم

يُسلّم علماء السنة أيضًا بأصل حادثة غدير، وقد استدلوا بحديث "من كان مولاك..." في مصادرهم الصحيحة، ومنها أحمد بن حنبل في "المسند"، والنسائي في "الخصائص"، وحتى الطبري في "الولاية". إلا أن هناك اختلافًا بين الشيعة والسنة في تفسير هذه الحادثة.

كثيرًا ما يُفسر السنة كلمة "مولى" على أنها تعني الصداقة والمحبة، ويعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم في غدير حثّ الأمة على حب علي (عليه السلام) فقط.

لماذا لا يُسلّم السنة بحادثة غدير؟

الحقيقة أن السنة لا يُنكرون أصل حادثة غدير، بل هناك اختلاف في تفسير هذه الحادثة العظيمة. وهناك سببان رئيسيان لذلك:

1- اختلاف تفسير كلمة "مولى": يقول السنة إن المولى يعني الصديق، وليس الولي أو الإمام.

٢- القضايا السياسية بعد النبي: رفض بعض الصحابة تولية علي (عليه السلام) خلافةً لهم لأسباب سياسية.

اعتراف علماء السنة بالغدير

من اللافت للنظر أن العديد من علماء السنة الكبار لم يكتفوا برواية حادثة الغدير، بل رووها أيضًا بسلسلة من الروايات الموثوقة.

منهم:

ذكر أحمد بن حنبل في مسند أحمد حديث الغدير من عدة روايات.

وفصل النسائي، صاحب أحد الصحاح السبعة، هذه الحادثة في كتابه "خواص أمير المؤمنين".

يشير ابن حجر الهيثمي في كتابه "الصواعق المحرقة" إلى خطبة الغدير ومكانة علي (عليه السلام).

ويؤكد الذهبي في كتابه "تذكرة الحفاظ" على رواية حديث الغدير بعشرات الطرق.

وقد وثّق الطبري وابن عساكر هذه الحادثة في كتبهما التاريخية مع شرح مفصل.

تُظهر هذه الاعترافات أن غدير ليس مجرد هامش مهمل، بل هو نص حيّ وتاريخي لم يُنسى في المصادر السنية.

حادثة غدير خم في صحيح البخاري

يحتل صحيح البخاري مكانة مرموقة بين كتب السنة. إلا أن النقطة المهمة هي أن حديث غدير خم لم يُذكر صراحةً في صحيح البخاري. مع ذلك، فقد أشار البخاري إلى فضائل الإمام علي (عليه السلام) في مواضع مختلفة، وروى بعض مقدمات حادثة غدير.

ومنها رواية عن البراء بن عازب تقول:

استخلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليًا في إحدى الغزوات، فغضب الناس لذلك. قال النبي:

"عليٌّ مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي"

(صحيح البخاري، المجلد الخامس، كتاب المغازي)

مع أن حديث الغدير (كنت مولاكم...) غير وارد في هذا الكتاب، إلا أن صحيح البخاري لا ينفيه، وهذا بحد ذاته أمرٌ بالغ الأهمية. علاوةً على ذلك، فقد روى العديد من علماء السنة حديث الغدير بسند صحيح في مصادرهم الأخرى، التي لا تقل أهمية عن صحيح البخاري.

تهنئكم مجموعة سجاد نقش كاشان الصناعية، محبّي الإمام علي (عليه السلام)، بحلول عيد غدير خم السعيد، يوم ظهور الإمامة والولاية.

.

Captcha